القائمة الرئيسية

الصفحات

مي حمزة تكتب: 15 خطوة لضبط الإيقاع الروائي.. (2)




في المقال السابق ضمن سلسلة "ضبط الإيقاع الروائي"، تحدثنا عن كيفية ضبط إيقاع الأحداث والذي أسميناه (الواقع ما قبل الأحداث)، وفي هذا المقال سنتنلول أكثر الأحداث تصاعدا في الرواية وهو القسم الثاني (العقدة)، وسيتم ضبط إيقاع ٧ خطوات في هذا القسم للوصول إلى أفضل قصة يمكنها منافسة الروايات الأكثر مبيعًا.


نرشح لك: مي حمزة تكتب: 15 خطوة لضبط الإيقاع الروائي.. (2)


- الخطوة السادسة: المحفز 


في هذه المرحلة يجب أن تنقلب الأحداث رأسًا على عقب بأن يخوض البطل رحلة (حقيقية أو مجازية) من أجل تحقيق هدف أو قرار اتخذه البطل أخيرًا بكامل إرادته كخطوة تجاه ما "يرغب فيه" لا ما "يحتاج إليه".


تعجبت من المحفز أليس كذلك؟

نعم المحفز خاطئ وهذا ما سيتعلمه البطل خلال الخطوات التالية، فالحياة لن تستقيم بالرغبات ولكن بإشباع الاحتياجات.


بمعنى آخر ستكون هذه المرحلة هي مرحلة (تصحيح المسار بالطريقة الخاطئة)، وهذا ما سيجعل روايتك أكثر إثارة وتشويقا.


مثال: رواية (me before you)

كان الجزء الأول يتناول الحياة قبل ويل. وبالتالي وجب الانقلاب ١٨٠ درجة حيث سيتم عرض الحياة بعد ظهور ويل. ستكون رغبة لويزا هي الحصول على المال

لكنها ستدرك أنها كانت تحتاج إلى الخروج من محيطها الآمن و تعلم مهارات جديدة وتستكشف ذاتها.



- الخطوة السابعة: القصة الفرعية (B story)


بينما تدور القصة الرئيسية في محيط البطل الخارجي والواقعي فإن القصة الفرعية ستدور في داخل أعماق البطل. ستمثل رحلة لتغيير القناعات أو اكتشاف الذات أو تغيير نمط أو صفة من صفات البطل.


ستحتاج القصة الفرعية إلى أبطال فرعيين ليكونوا مثالا جيدا أو سيئا للبطل من أجل التغيير. هذه الشخصيات الفرعية لن تظهر في القسم الأول من الرواية حيث الوصف الهادئ لحياة البطل ولكن ستظهر بعد خطوة (إنقلاب الأحداث رأسا على عقب) التي تحدثنا عنها في الدرس السابق. يمكن أن تكون هذه الشخصية صديق أو حبيب أو قريب أو حتى عدو.


كما يمكن استخدام أكثر من شخصية فرعية فقط في حالة استطاعتنا أن نجعلهم يعلمون البطل (الهدف) بطرق مختلفة وإلا لماذا سنحتاج إلى إستخدام أكثر من شخصية فرعية للوصول الى نفس النقطة؟


مثال:

يحتاج البطل إلى تعلم التسامح والتقبل وبالتالي فإنه إما سيقابل أكثر البشر تسامحا في هذا العالم أو على النقيض بأن يرى شخص لا يعرف للتسامح طريق ويجد نفسه باغضا لتصرفه الذي سيدرك أنه يحمل بعضا منه.


- الخطوة الثامنة: الأحداث (Fun & Games)


بادئ ذي بدء يجب أن تعلم أن هذه هي النقطة التي ستبدأ فيها السرد بحرية من أجل تغيير مجرى الأحداث إما صعودًا و نجاحاً وإما إخفاقاً وفشلًا ، وتمثل هذه الأحداث المشوقة ٢٠ : ٥٠٪ من الرواية.


هذه الأحداث التي يجب أن تكون مشوقة للقارئ ليس بالضرورة أن تكون مشوقة للبطل بل قد تكون أسوأ ما يمكن أن يحدث لشخص على الإطلاق. كما حدث مثلا في بعض الأفلام مثل فيلم (عسل أسود) أو (legally blonde). أو أحداث جيدة مثلما حدث لهاري بوتر عند الانتقال إلى هوجوارت حيث مر بأحداث تصاعدية ناجحة و مليئة بالمتعة.


- الخطوة التاسعة: الوسط


دائمًا ما نحتاج في وسط الرواية تمامًا شيئًا من اثنين إما نجاح كاذب، أو فشل كاذب، ويسمى كاذب لأن القصة لم تنتهي بعد، و إنما سيؤدي هذا الفشل أو النجاح إلى إخفاق أو نجاح مؤقت لتحقيق الهدف المنشود من الأحداث. وهنا ستمثل نقطة الوسط (الوتد) الذي سيغير و يقوم مجرى الأحداث وتوجيهه للمسار الصحيح لتحقيق النجاح الحقيقي.


قد يتم تقديم هذا (الوتد) من خلال إحدى الطرق الثلاثة التالية:

١- اقتراب ساعة الصفر 

كمرض خطير يصيب شخص سيقضي على حياته خلال أسابيع. أو حبيب سيضيع من يد حبيبه بسبب زواجه من شخص آخر  بعد شهر. 


٢-اشتعال قصة حب

القبلة الأولى- العلاقة الأولى - عرض الزواج.. الخ (مثال فيلم تيتانيك و علاقة روز و جاك) 


٣-انكشاف سر أو معرفة معلومة كانت غير معلومة من قبل

خيانة - معرفة شخصية القاتل أو المجرم-عودة حبيب من الخارج... إلخ


في هذه النقطة من ضبط الإيقاع الروائي سيتحول البطل من محاولة تحقيق الرغبات إلى إدراكه لضرورة تحقيق الاحتياجات. وهي نقطة التقاطع بين القصة الخارجية والقصة الداخلية التي سيتعلم منها البطل الدرس في النهاية.


- الخطوة العاشرة: اكتشاف ومواجهة الأشرار


عند ضبط هذا الإيقاع والذي يمثل ٢٥٪ من الرواية على الأقل يجب الأخذ في الاعتبار ضرورة تحويل الرواية إلى كرة مطاطية (bouncing ball) أو قطار أفعواني ينقلك من أعلى لأسفل ومن أسفل لأعلى دواليك، بحيث إذا كان البطل في الجزء السابق قد حقق (نجاح كاذب) فإن مواجهة الأشرار يجب أن تؤدي إلى هبوط في المسار ، أما إذا كان البطل قد حقق (فشل كاذب) فإن ظهور الأشرار سيؤدي إلى تعلم الموعظة من خلال الصحوة التى ستضرب البطل و تمنحه قوة المواجهة و الإنتصار لاحقًا.


مثال:

حقق هاري بوتر انتصارا زائفا في منتصف قصته فبالتالي فإن ظهور الشرير المتمثل في فيلدمورت سيؤدي إلى هبوط في المسار حيث سيبدأ هاري وأصدقاؤه محاولة فهم سبب القوة الغاشمة التي اكتسبها فيلدمورت ليكتشفوا أنه قد تجرع دم (أحادي القرن) الذي أكسبه هذه القوة مما سيؤدي بالتبعية إلى تفاقم شعور هاري بأنه (الشخص المختار) لمواجهة قوى الشر المتمثلة في فيلدمورت.


- الخطوة الحادية عشر: ضياع كل الأشياء


لضبط هذا الإيقاع يتم استخدام مشهد واحد يصل فيه البطل إلى ذروة القناعة بضرورة التغيير بعد أن يفقد ما كان يظن أن حياته مرتكزة على وجوده، ولكن هذه المرة سيتم التغيير في اتجاه المسار الصحيح من أجل الوصول إلى النجاح الحقيقي و ليس ذلك الكاذب الذي سبق ووصل إليه.


في هذه النقطة التي أتفق على تسميتها (برائحة الموت) دائمًا ما يحدث موت سواء مادي أو معنوي مثل موت صديق أو حبيب أو المرشد (موت فعلي) أو ضياع ثروة أو عمل كان يظن البطل أنه يمثل حجر الزاوية التي يرتكز عليها من أجل سعادته (موت معنوي).


وهنا سيدرك البطل أن الموت لا يمثل النهاية وأن قناعاته السابقة قد أدت به إلى مسار خطأ و من ثم سيصبح لديه القوة التى يولدها الفقد من أجل الإسراع في اللحاق بالطريق الصحيح.


- الخطوة الثانية عشر: الليلة الأكثر ظلمة للروح


هذه هي النقطة الأخيرة في القسم الأوسط من الرواية، وبما أن لكل فعل رد فعل فإن أيضًا لكل (ضياع كل الأشياء) هناك (ليلة مظلمة).


نعم تمامًا مثلما تصورت المشهد ومثلما يصوره جميع المخرجين فإما (يسير البطل في شارع مظلم وحيد يسأل نفسه (جئت لا أعلم من أين و لكني أتيت)


أو يجلس البطل في ظلام دامس في غرفته التي عبقها دخان سيجارة معلقة بين أصابع البطل الذي يظهر ظله و القليل من وجهه بفعل مصباح  جانبي ناعس أو ربما من ضوء تسلل من خارج نافذته و هو يسال نفسه هذه المرة (وماذا بعد؟).


وكما أن من المعروف أن لحظات الليل الأخيرة هي الأكثر ظلمة و يأتي بعدها الشروق.. فإن ما سيحدث بعد هذه الليلة سيكون كله في مسار تحسين الوضع الذي آلت إليه الأحداث.


وجدير بالذكر أن عند هذه النقطة فقط يمكنك أن تسمح للبطل للسير إلى الخلف و ليس الأمام لبضع لحظات كأن يزور والديه الذي كان قد هجرهما، أو يقابل صديق قديم أساء اليه في الماضي ليعتذر منه أو حبيب قد ظلم.


وأكثر تلك اللحظات المحفورة في ذاكرتنا والتي تمثل هذه الفكرة ما حدث في فيلم (عن العشق والهوى) حيث قرر البطل (أحمد السقا) مقابلة حبيبته التي هجرها في بداية القصة (منى زكي) ليس من أجل إستعادتها و لكن لحاجته لاستعادة جزء من نفسه التي فقدها خلال مسيرة حياته والتي قد خربها بصورة أو بأخرى.


وللحديث بقية في المقال المقبل..


للتواصل مع الكاتبة من "هنا" أو للاستفسار عن سلسلة المقالات من خلال التعليقات



author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات