القائمة الرئيسية

الصفحات

غسان كنفاني.. بين النضال والرومانسية الطاغية


سالي فراج


"أن تطمئني لشيء واحد هو أنني سأظل أعود، فقد كُتب علي كما يبدو أن أظل مهزوما في أعماقي، وأن الشيء الذي انكسر في حين كنت في العاشرة لن يلتئم، وقد ظللت دائما أوفى الناس لشيء اسمه التعاسة".. بهذه الكلمات وأكثر عبر الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني عن حبه المتيم بالكاتبة غادة السمان.



يعد "كنفاني" أحد رموز النضال والمقاومة الفلسطينية، فهو المناضل الثورجي الذي وقف في وجه الاحتلال المغتصب لأرضه في ستينيات القرن الماضي، فكان عضو مكتب سياسي والمتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورئيس تحرير مجلة الهدف، ولم يكتف بذلك فقط، فكتب العديد من المقالات والكتب والروايات التي تُدين الاحتلال من بينهم "عائد إلى حيفا"، و"رجال في الشمس"، و"عن الرجال والبنادق".




قوة "كنفاني" الكلامية ضد الاحتلال جعلت إسرائيل تشعر بخطره وأمرت باغتياله عام 1972، حينما كان برفقة ابنة أخته لميس، واستشهاده بفعل تفجير سيارة مفخخة تحت منزله بلبنان، لتظهر لنا "السمان" صورة أخرى للمناضل العنيد الذي يحمل قلبا عاشقا؛ ففي ذكرى وفاته العشرين عام 1992 قامت بنشر كتاب تحت عنوان "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان" وضم 12 رسالة من كنفاني لغادة ولم تنشر كل رسائله وقالت "حُرق بعضها إثر حريق تعرض له منزلها في بيروت عام 1968"، كما لم تنشر أيضا رسائلها مناشدة من معه هذه الرسائل أن يقوم بنشرها، وقالت إنها قامت بنشرها بالاتفاق المسبق مع غسان قبل موته.



أول مرة إلتقيا كانت في جامعة دمشق وثانيها كانت في إحدى الحفلات الساهرة في القاهرة وقال لها "مالك كطفلة ريفية تدخل المدينة لأول مرة"، وبدأت قصة الحب  المعقدة بينهما التي حال دون اكتمالها أسباب عدة أهمها اختلاف الأديان بينهما، وزواج غسان من "آني هوفر"  الفتاة الدنماركية ولديه منها طفلين والتي كتب عنها في أحد رسائله "لقد جاءت آني حين كنت قد شرعت، مختارا ومرغما، في الانزلاق على هضبة الوحل المغرية والجذابة، وفي ذات الصباح الذي قررت في مسائه أن أتزوجها كنت على وشك الاتفاق مع امرأة نصف ثرية، نصف جميلة، نصف تُحبني ونصف شابة على أن نعيش معاً كانت تلك المرأة نصف الطريق إلى السقوط وأردت أن أجعلها محطتي كي أقبل الرحلة كلها فيما بعد إلى قرار القاع السحيق المنسي"، ويقول أيضا أنه عرض على "آني" الزواج بعد لقائهما بأسبوعين في مقهى الغلابيني ببيروت ولكنه بعد الزواج اكتشف أنها بعيدة عنه في كل شيء،  وقال "ارتكبت مرة أخرى خطأ الاحتيال فحين عجزت عن ردمها كما ينبغي ردمتها بطفلين".





اختلفت وجهات النظر والآراء النقدية حول نشر "السمان" لتلك الرسائل فمنهم من يرى أنها مجرد رسائل شخصية ليس من الداعي نشرها، ومنهم من أعجب بخطوتها الجريئة على نشرها، فمثلا الكاتب الصحفي أحمد أصفهاني يرى أن هذه الخطوة جريئة ولكن الرسائل أحادية الجانب وكانت تريد في المقدمة شرح من غادة لطبيعة العلاقة بينهما. وقالت الكاتبة "إنعام كجه جي" أن غسان ليس مناضلا فقط ولكنه يحمل جانبا رومانسيا ضغيفا مثل كل شخص، والهجوم على غادة لأنها خرجت عن المألوف في مجتمع شرقي، ومن كان منا بلا ضعف فليرم غادة بحجر، وأضافت الإعلامية هالة سرحان "إعصار الجرأة وزلزال الوفاء الذي عصف بغادة السمان جعلها تهدي لنا نبضات قلب اشتعل حبا، ورغبة في إطلاق رصاصة على ذاكرة النسيان العربية، وتسديد طعنة إلى جمعيات الرياء المتحدة".





ولم تكن هذه هي المرة الأولى لغادة السمان، التي تقوم بنشر رسائل من عشاقها، فقد قامت بعد وفاة الشاعر اللبناني "أنسي الحاج" بعامين بنشر رسائله لها.

author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات