القائمة الرئيسية

الصفحات

بعد محاولة اغتيال سلمان رشدي.. ننشر نص مقال نجيب محفوظ حول رواية "آيات شيطانية" المثيرة للجدل




 أثار محاولة اغتيال الكاتب البريطاني، ذو الأصول الهندية، سلمان رشدي، في نيويورك جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية والدولية، وأعادت للأذهان الجدل الذي أثارته روايته "آيات شيطانية"، والتي أصدر على إثرها قائد الثورة الإيرانية، آية الله الخميني، فتوى بهدر دمه في 14 فبراير 1989.


حالة الجدل أعادت ما قاله المثقفين والأدباء في مصر، حول الرواية في العديد من الحوارات واللقاءات التلفزيونية والصحفية، وكان من ابرزهم الأديب نجيب محفوظ، والذي أثار جدلا وقتها بما نشر على لسانه في الصحف العربية والأجنبية، مما دفعه للرد على كل هذه الشائعات بمقال نشره بجريدة الأهرام في 2 مارس 1989.


وفيما يلي تنشر مدونة "مكتبة وهبان" نص المقال الذي نشره "محفوظ" لتوضيح رأيه في رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي، والرد على كل ما نشر من شائعات وقتها، وصورة من المقال الأصلي الذي نشر بالأهرام


"عن سلمان رشدي وكتابه تلقيت سيلاً من الأسئلة من صحفيين وإذاعيين فاق عددهم الحد المعقول جميعهم أجانب. 

وقد نُشرت أقوالي في الإذاعة والتليفزيون والصحافة دون متابعة مني ودون أدنى شك في تحريف أقوالي. واطلعت بعد ذلك في صحفنا على إشارات من أقوالي جاءت على أحوال:


1) بعضها صادق في إيجاز شديد.

2) ‏وبعضها صادق وأول تأويلاً عدائياً ولكل رأيه وتأويله.

3) ‏والبعض اختصر بصورة بعيده عن واقعه فتبلور في صورة إتهام ظالم لا يتفق مع خلق الإسلام.


 ‏من أجل ذلك رأيت أن أعرض جملة ما قلته متفرقاً في بيان واحد يفصح عن الحقيقة التي ألتزم بها وأتحمل مسئوليتها أمام الموافقين و المخالفين.

 ‏

 ‏بدأت حياديتي بحقيقة لا لبس فيها وهي أنني لم أطلع على كتاب رشدي ولا علم لي بما جاء فيه، وعليه فلا رأي لي في موضوعه.

 ‏

 ‏أما عن إهدار دمه الصادر من الزعيم الخوميني فأدنته من ناحية اختراقه للعلاقات الدولية، وخروجه عن الإسلام الذي نعرفه فيما يتعلق بحساب المرتد، وضربت بالازهر مثلاً طيباً في تصديه للكاتب بالرد عليه في كتاب آخر. كما أشرت إلى فتوى فضيلة المفتي وذلك كله بهدف أن يدرك القارئ أو السامع أو المشاهد أن للإسلام رسالة غير الإرهاب والتحريض على القتل. وأني أعتقد أن الخوميني أساء إلى الإسلام والمسلمين إساءة لا تقل إن لم تزد عما قصده مؤلف الكتاب.

 ‏

 ‏وأما عن حرية الرأي فقلت أني أنادي بأن تكون مقدسه. وأنه لا يصحح الفكر إلا الفكر. ولكن لا تتساوى المجتمعات في تحمل الحرية إذا تجاوزت الحدود. وأن على المفكر أن يتحمل مسئولية فكره في حدود إيمانه وشجاعته وظروف مجتمعه.

 ‏

 ‏ولذلك أيدت في أثناء المناقشة مقاطعة الكتاب أو مصادرته حفظاً للسلام الاجتماعي وعلى شرط ألا يتخذ ذلك ذريعة لقهر الفكر. بل ايدت مطالبة الأزهر لمنع طبع "أولاد حارتنا" طالما أن رأيه فيها لم يتغير. وأكدت لمحدثي أن كتابي ليس فيه ما يمس الأديان أو الرسل. وأن الربط بينه وبين كتاب رشدي خطأ بالغ. وأني كبير الأمل في أن أوضح للمعترضين عليه وجه الحق فيه.

 ‏

 ‏وفي آخر حديث (28\2\1989) مع التليفزيون السويسري كانت حقائق جديدة قد ذكرت عن الكتاب فعرفت أنه -والعهدة على الكاذبين- سب وقذف لم يجر بمثله قلم من قبل. فقلت للسيدة المذيعة أنه إن صح ذلك فالكتاب يكون تحت مستوى المناقشة، وأنه كأي فعل خارج عن حد القانون والأدب فمخاصمته تكون في المحاكم أو في اتخاذ الإجراءات الرادعة على مستوى العلاقات الدولية. وإذا كان احترام حقوق الإنسان يصون للمفكر فكره فيجب أيضاً ان يصون للناس مقدساتهم ولو في حدود الذوق والأدب.

 ‏

 ‏وإني أدرك الأن أنه إذا كان رشدي قد انحرف بخياله فإن المسلمين أساءوا التصرف بالمظاهرات وحرق الكتاب وإهدار الدم. مما قلب الوضع فجعل من المجرم ضحيه ومن الضحيه متهماً. 


 ‏وتخفيفاً من البلوى أقترح:

 ‏1) أن تعلن الدولة الإسلامية رفضها للإرهاب وإهدار الدماء باسم الإسلام.

 ‏2) أن تطالب الدول باحترام الديانات والمقدسات لدى الشعوب مع عدم التعرض لحرية البحث العلمي القابل للمناقشة.

 ‏3) أن تقاطع دور النشر التي تتولى نشر الكتاب.


 ‏ والله ولي التوفيق".




author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات