محمود عماد
"هي دي الدنيا".. جملة معبرة قيلت في فيلم "ضربة شمس" للمخرج محمد خان، والذي يعد أول أفلامه إخراجًا وتأليفًا، أراد فيه العودة للواقعية بعدما كانت قاب قوسيين أو أدنى من الإندثار فكانت كاميرته في أكثر المشاهد في الشارع تصور الإنسان وأحواله.
بداية مشوار خان الفني كانت من خلال فيلم أعاد للسينما ذاكرة مدرسة الواقعية فقدم قصة مختلفة وإخراج مغاير للمعتاد في تلك الفترة، فكتب خان عن الإنسان الفنان شمس، الذى قام بدوره الفنان الراحل نور الشريف، كمصور مهووس بالتصوير وبأخذ اللقطات المميزة الذي لا يهتم بأي شيء في الدنيا بقدر ما يهتم بالكاميرا وأخذ اللقطات، فهو البطل المتمرد الذي سيتم وصفه في المجتمع بالمجنون ولكنه مصاب بعشق الفن حد الجنون مثله مثل خان نفسه.
لعب خان على واقعية الشر أيضًا والتي تمثلت في تهريب ممتلكات الدولة وآثارها، نحن نرى هذا الواقع الوحشي من خلال كاميرا شمس التي هي بدورها كاميرا محمد خان. وكان للفنانة ليلى فوزي التي لعبت دور غريب، صامت، حيث لم تنطق بحرف واحد ولا حتى عرفنا اسمها، ولكن موهبة ليلى فوزي في تعبيرات وجهها، وبراعة خان في أخذ تلك اللقطات أضافت للشخصية رؤية جديدة ومختلفة ومغايرة.
كانت فكرة الفيلم جديدة في ذلك الوقت وطريقة التصوير والإخراج مختلفة؛ فخرج خان عن المألوف وأبدع في ذلك وانتهى الفيلم نهاية تقليدية ولكنها أيضًا ليست نمطية حيث ينتصر الخير على الشر، ويعتبر الفيلم بمثابة بداية موجة عودة الواقعية الجديدة فبدأ المخرجين من بعده في العودة لتلك المدرسة أمثال عاطف الطيب وداوود عبد السيد الذين قدموا لنا روائع محفورة في تاريخ السينما فكان الفيلم نقطة تحول لسنوات تالية، وما يثبت نجاح الفيلم هو تواجده في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
مساحة إعلانية |
هذا بالنسبة إلى ضربة شمس، لكن إذا نظرنا إلى باقي أفلام محمد خان لوجدنا أن كل الأفلام من حيث تكنيك الإخراج لا تبتعد عن ضربة شمس، أنت هنا أمام فنان صنع مدرسة وأسلوب خاص من اللحظة الأولى. فهو اللاعب مع الخسران تلك الجملة التي قالها عادل إمام في فيلم "الحريف" وهي جملة تمثل رحلة ومشوار خان الذي اختار مدرسة سينمائية صعبة تستطيع أن تعبر عن أحلام وطموحات البسطاء والضعفاء.
إن أفلام محمد خان هي من أقرب الأفلام لقلب المشاهدين لأنهم يروا أنفسهم فيها في الشخصيات والأحداث والقصص، إن سينما خان هي الأقرب لتمثيل الإنسان فكان أهم ما في أفلامه هو الإنسان نفسه، وتعبيره عن مشاعر الإنسان باختلافها، في شخصية نوال في فيلم "موعد علي العشاء" وتجسيده لقصة لاعب الكرة الشراب المهمش سيد الحافي في فيلم "الحريف" وأظهر الواقع السلبي في فيلم "زوجة رجل مهم" بشخصية الضابط هشام المتسلط، ليخرج من المدينة إلى الريف في فيلم "خرج ولم يعد".
إن المدرسة التي ينتمي لها محمد خان هي من أقوي المدارس السينمائية، وهذا ما أعطى لخان بصمته وتأثيره بل وعظمته أيضًا. وتبقى علامات خان خالدة في تاريخ السينما بحروف من ذهب يكفي تواجد خمسة من أعماله في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية لتؤكد على موهبته وتميزه وثورته على زمانه.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقك أو أرسل رسالة للكاتب