القائمة الرئيسية

الصفحات

خميلة الجندي تكتب: القارئ وحبكة "الفهلوة"!

 




تدلف إلى مكتبة لتنعم بسعادة لا يعرفها سوى الأطفال في محال الهدايا. تطوف بالأرفف فتنتابك الحيرة، أي من تلك الأغلفة اللامعة سيحمل بين دفتيه رحلتك المثيرة؟ تقتني هذا وذاك وترحل محتضنًا ما اقتنيته، تشعر بأقدامك تحلق في السماوات ترجوك أن تعود فتبدأ رحلة مع كتاب جديد. 


تلك لحظات فريدة يُسوءني أن تُختم برحلة غير مرضية مع عمل قد كان من الأفضل لو مُنح مزيد من الوقت والتنقيح. 


يحدثنا أديبنا الكبير محمد المنسي قنديل في إحدى ندواته أن القارئ الذي يخصص جزءًا من ماله، وبعضًا من وقته، ويترك أسرته وأطفاله وعمله ليمنحك - الكاتب - وعملك فرصة القراءة لا يصح أن نستخف به أو بعقله. 


مع ذلك أعتقد أنها أصبحت عادة أن يستخف الكاتب بعقولنا. ويضنيني بالندم على اقتناء عمله الذي بهرجه بغلاف لا يُقاوم، ووافقت عليه دور نشر لها باع طويل في عالم النشر، ثم يتفاجأ القارئ بحبكة هي أقرب للخدعة. 


هي معضلة تلك التي يقع فيها القارئ حين يواجهه عمل حظى بشهرة واسعة، ولاقى إحسان الكثيرين، والأهم أنه صدر عن دار نشر موثوق في جودة أعمالها، ثم يتفاجأ بحبكة ضعيفة، قريبة إلى خط مستقيم لا صعود ولا هبوط فيه.


نرشح لك: حصريا.. قصة "موت حلو المذاق" بصوت أحمد القرملاوي


شخصيًا كثيرًا ما صادفني عمل يحمل حبكة منظمة في بداياتها، لها وتيرة منتظمة الصعود، أقلب الصفحات منتظرة هذا الصعود، فلا أصعد، أقترب من الخاتمة منتظرة الذروة التي لا تأتي. حسنًا ليس ثمة ذورة. لنصل للحل، وكيف الحل ولم يكن هناك مشكلة؟ أو أواجه عرضا مطولا جدًا لأحداث قد تُختزل في صفحات قليلة، وعرضا مختصرا جدًا للحبكة نفسها، أو لقصة كانت الأجدر بالحبكة. أو الأسوأ أن تَقدم الحبكة كاملةً في أحداث متسارعة دون إنذار بالصعود، ثم تنتهي لحل العقدة دون إنذار بالهبوط، فأشعر أنني سابحة في بحر هادئ ثم فجأة تعلو الأمواج تصفعني دون أن أدرك، وتهبط مجددًا لتختفي تمامًا.


ماذا يفعل القارئ إذا شعر أنه يقرأ صفحات الأفضل لو كانت مسودة أولى للعمل لأنه بعينه القارئة البسيطة أخذ يُعدل فيها ويزيد ويضيف ويمحو؟ أيعترض هذا المحترم الذي اقتطع من وقته وماله ليخصصه لكاتب يثق في قلمه؟ أم يصمت عاجزًا عن التعبير عن رأيه خوفًا من مواجهة تيار الاعجابات؟ 



إنها أزمة تواجهنا جميعًا يوم يخذلنا الكاتب فلا يمنح لقارئه حقه الكافي بإخراج حبكة تستحق. وهنا لا أقصد حبكة أسطورية، أو تستحق الترشح لنوبل. فالحبكة التي تقدم فكرة بسيطة لا ضرر منها إطلاقًا، القصد هنا ليس في سوء الفكرة أو أصالتها، بل في سوء عرضها، وبالأحرى "كروتة" صناعتها.


للتواصل مع الكاتبة من "هنا" أو اكتب رأيك في التعليقات

author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات