طارق وجيه السيد
"إذا تعلّق الأمر بالرب، فلا تسأل بـ"كيف".. أن تعبد الرب لأنك تحبه، أفضل من أن تعبد الرب لأنك تخاف عقابه! هكذا كانت رسالة الكاتب من رواية قال أنه كتبها من أوراق لـ(شمعون بن زخاري)، الملّقب بـ(شمعون المصري)، عمل كان أقرب للخيال من التاريخ، أقرب للقصص من السرد، وأقرب للنشوى من المعرفة.
لن أخفيك سرًا، فلمّا وجدت رواية "أوراق شمعون المصري" للكاتب الدكتور أسامة عبد الرؤوف الشاذلي، والصادرة عن دار الرواق للنشر والتوزيع، جذبني غلافها، كم هو جريء الكاتب الذي يضع "المينوراه" على غلاف كتابه (والمينوراه هو الشمعدان السباعي العبري)، الشمعدان الذي اشتهر به اليهود حتى وقتنا هذا، شهرة لم تكن وقتها سببَا لنفور أو امتعاض، كان الجميع وقتها يبحثون عن الخالق، وكل فريق على الأرض قد أُمِر بالاتصال بالرب عبر طريق مختلف. تبقى الغاية واحدة، لكن لولا تعدد البشر لفسدت الأرض، حقيقة إلاهية لحكمة أسمى من كل معاني الهوى.
انتقل الكاتب في رحلة بين أنواع البشر، نواميسهم، عاداتهم، أفراحهم وأتراحهم، وسط تيه كُتب على بني إسرائيل أربعين سنة، هم بنو إسرائيل الذين لم يكونوا ليؤمنوا إلا بعد أن يروا العذاب الأليم، وهم بنو إسرائيل الذين أتى منهم بطل الرواية، (شمعون المصري)، (شمعون) الذي تاه في الأرض، وتاه في أهله، وفي قلبه. رغم ذلك التيه استطاع أن يجعل منه الكاتب مغامرة تموج بمتعة لك، وكأنك لن نريد أن ينته أبداََ!
بين خوف وشك، إيمان وخطيئة، شكر وكبيرة، استطعنا معرفة أخبار بني إسرائيل منذ وقت الخروج، تدور الأسئلة في العقل كدوران الكواكب حول الشمس، تحسبها متناثرة وهي تسعى نحو غاية واحدة، ولأجل رب واحد.. هو الله!
لا أستطيع أن أحكم على العمل حكمًا تاريخيًا دقيقًا، ربما لأنّي لست أهلاَ لذلك، أعلم أن العقل قد يقف عند بعض الكلمات والأحداث بتحليل قد يكون مؤرقًا بعض الأوقات، ليأتِ إيماني بجودة الحكي في كل لحظة يجبرني على الاستمتاع بما أرى، وكأن الكاتب قصد.. أو لم يقصد، أن يجعل معركة العقل والإيمان تنطلق في كل صغيرة وكبيرة لعمل كان مليء بالسعادة والحزن، والخوف والأمن، والتيه والوصول.
في النهاية، كل ما أتمناه وأنت تقرأ العمل أن تدعو لكاتبه، ولـ(شمعون المصري) حتى لو لم يكن قد عاش يومًا، فقط تذكّر دائماً.. "لن يٌضيعنا الرب!"
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقك أو أرسل رسالة للكاتب