القائمة الرئيسية

الصفحات

رحمة ضياء تكتب: رحلتي مع النقشبندي (2)..في شوارع طنطا


أخبرتكم من قبل أن رحلة السيدين البدوي والنقشبندي قد بدأت من طندتا أو طنطا، وعليه قررت أنا أيضا أن أبدأ رحلتي من هناك.


ومن قرأ منكم الرواية، لن يصعب عليه تخيل الشوارع والمباني وحتى الأحداث التي مررت بها؛ فهي تتشابه كثيرا مع ما مرت به بطلتي "نصرة" حين وصل قطارها إلى ديار السيد البدوي، واستهلت الزيارة بالصلاة في مسجده ثم إلقاء نظرة خاطفة على ضريحه، في حين لم تتح لي هذه الفرصة حيث وجدته مغلقا حينها بسبب الجائحة، ثم كانت جولتها في المدينة والتقاط صور للبنايات والمحلات القديمة، والبحث دون جدوى عن أحد ممن عاصروا بطلها وبطلي المنغلق على أسراره كبرعم يرفض الإزدهار.


نرشح لك: رحمة ضياء تكتب: رحلتي مع النقشبندي (1).. منام السيد البدوي


كنت مثلها أسير بلا هدف، في ذات الشوارع التي سار فيها الشيخ سيد قبل نصف قرن، أتوقف أمام معالم شهدت حكايات لم ترو عن حياته..


 هنا كان يجلس في الساحة الخارجية للمسجد الأحمدي، أول ما وصل إلى طنطا، ينشد كل مساء بعد صلاة العشاء ليعرفه أهلها ويكتسب شعبية وسطهم.


وهنا فندق أمير، حيث اصطحب زوجته وأبنائه لمشاهد أول فيلم هندي تعرضه السينمات في مصر بعدما ضبط نفسه يدندن أغانيه التي لا يفهم معناها وكاد الأخ "سانجام" أن يهدد وقاره.


وهنا فرع عمر أفندي القديم حيث اصطحب ابنته لشراء حذاء جديد وظل المارة يستوقفونه طوال الطريق لإلقاء السلام والتحيات.


وهنا المبرة التي لفظ فيها أنفاسه الأخيرة، وشيعت له جنازة مهيبة خرجت من مسجد حبيبه.


كنت طوال الرحلة أحاول أن أتأمل هذه المباني بعيون الشيخ سيد قبل أن تطالها يد الزمن، أعود لأرشيف صور مدينة طنطا في الستينات والسبعينات لأغذي مخيلتي، أقارن بين الماضي والحاضر.


 أسأل عنه المارة في الشوارع، أتأمل مجاذيب البدوي، أستقل الأتوبيسات الزرقاء ذات الخط الموحد "الجامعة- صيدناوي- الشيخة صباح- الساعة" التي تجوب المدينة الصغيرة.


وخلال رحلتي كنت أتخيل الشيخ سيد يسير إلى جواري في الشوارع، أو يجلس بجانبي في الأتوبيس الأزرق، وبفضل هذه الجولات تشكلت في ذهني عشرات المشاهد بأدق تفاصيلها وتولدت فكرة لقاء نصرة بالنقشبندي في شارع البحر واصطحابه لها في جولة بين معالم طنطا يحكي لها خلالها قصصا من حياته، ويستمع لها بدوره، ويجيب عن أسئلتها. 


نرشح لك: بخصم 50%.. storytel تقدم عرضا لمحبي الكتب الصوتية خلال رمضان


في هذه المرحلة كان صوت نصرة واضحا في رأسي، بينما كان الشيخ سيد مايزال غامضا، يسير أغلب الوقت إلى جوارنا في صمت، دون أن يمنحنا الأجوبة التي نريدها، حتى انفتح لي باب جديد، باح خلاله الشيخ سيد بأسراره، تحدث على سجيته، وأظهر الجوانب المرحة والمرهفة من شخصيته، سأحدثكم عن هذا الباب في الرحلة القادمة..

author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات