القائمة الرئيسية

الصفحات

عبد الرحيم منصور.. صاحب المشاريع الكبرى الذي وهب نفسه وكلماته للفن

 



إسلام مصطفى


قد يظن أي محب للشعر، أو حتى أي شاعر في بداية طريقه، أن أشعار عبد الرحيم منصور من السهل أن يكتبها أي شخص، لكن الحقيقة غير ذلك، ملعب السهل الممتنع في شِعر العامية في مصر، اقترب منه كل شعراء مصر تقريبًا، لكن في بعض أعمال منصور كان يبدو أنه صاحب مشروع خاص، فكل أعماله تتميز بالبساطة.. والعمق.


 وبذكر المشاريع، كان عبد الرحيم دومًا إما عنصرا مكملا أو هو العنصر الأهم، عندما نزح إلى القاهرة ساقته الأقدار إلى أمل مصر في الموسيقى وأعتقد أن بليغ حمدي هُنا كان العنصر الأهم، ومنصور هو العنصر المكمل، ليصنعا معًا أغاني مختلفة لشادية وفايزة احمد ونجاة.. عايدة الشاعر.. حتى الظهور الأول لعلي الحجار، كان تدشين نجاح مطرب من أهم المطربين في تاريخ مصر.




ثم المرحلة الأخرى التي تحول فيها منصور من عنصر مكمل إلى العنصر الأهم، مرحلة مشروع منير كان لمنيب الاكتشاف، ومن ثَم كان منصور بكلماته يقدم صوت جديد، ولذلك كان من الطبيعي، أن ينسجم ثلاثي من بيئة واحدة ومكان واحد، لكن الغير طبيعي هو انضمام (هاني شنودة) لهم بفكر وثقافة مختلفين والأصعب هو تلقي الجمهور لهذا المشروع المختلف.





ولأن منصور كان قدره دائمًا المشاريع، فقد كانت السينما المصرية في زمنه تدخل مرحلة مختلفة، ليتشكل في البداية مشروع إنساني، صداقة وطيدة بينه وبين أهم صُناعها وهو عاطف الطيب.. رغم اختلاف الملامح بين الجنوبي والقاهري؛ إلا أنهما يشعراك بالأخوة بينهما في الروح.





كانت الصداقة حبيسة الأماكن المغلقة والسهرات، والعيش معًا لفترة في منزل واحد، ثم في أوائل الثمانينات يقررا معًا نقل هذه الصداقة إلى السينما، ليكتب عبد الرحيم منصور لأول مرة سيناريو وحوار فيلم "الزمار" المأخوذ عن مسرحية "هبوط أورفيوس" لتنسي وليامز، ويشاركه في الكتابة الناقد الكبير رفيق الصبان، ويلعب بطولة الفيلم النجم الكبي نور الشريف، وتشاركه البطولة القديرة محسنة توفيق ومعهم كوكبة من ألمع نجوم مصر، ليخرج للنور واحد من أكثر أفلام السينما المصرية شاعرية، لكن لا يمهل القدر منصور الفرصة ليرى تجربته الأولى والأخيرة على شاشة السينما.



كان المشروع قدر منصور حيًا وميتًا، حتى بعد أن رحل عن عالمنا تمر الأعوام وتأتي بنت أخيه الصحفية والشاعرة مي منصور، وهي التي لم ترى عمها قط، وتنجح في تجميع الأعمال الكاملة له وتصدر عن الهيئة العامة للكتاب، لتعرنا بالتراث الفني والإنساني لهذا الشاعر الكبير، وتقول في جزء من المقدمة:

"لم أَرَ عمي قط، ولكن أشعر بروحه تسكنني، ويكفيني شرفًا أنه رحل عن عالمنا منذ سنوات طويلة، وإلى الآن أسير في شوارع القاهرة وأتحسس خطواته بكل مكان، وأستمع إلى كثير من الحكايات والنوادر التي كانت تحدث معه، وأراه دائمًا في كل شيء ؛ في الخير والحب والصدق والإنسانية".


اجتهدت مي، ونقلنا نحن عنه وعنها محاولين أن يصل للأجيال الجديدة، مشروع عبد الرحيم منصور هذا المشروع الهائل الملفت الإنساني الكامل، الذي يمكن أن نطلق عليه شِعر الحياة للحياة.




author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات