يوسف الشريف
قال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية متحدثًا عن كتابه الجديد "توت عنخ آمون" الصادر حديثًا عن دار دون للنشر والتوزيع، إن الكتاب يلقي الضوء على ظروف اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون الشهيرة، والتي تُعد من أكمل المقابر التي عثر عليها حتى الآن، وما تحتويه من روائع الفنون المصرية القديمة ونفائس كنوزها من مقاصير وأثاث جنائزي وحلي وأدوات الحياة اليومية تجلت فيها مهارة الصانع المصري القديم، فضلاً عن تابوته الذهبي وقناعه الشهير.
أضاف عبد البصير أن الكتاب يلقي الضوء على حياة توت عنخ آمون وأحوال الدولة المصرية في أعقاب الثورة الدينية التي قام بها الملك أخناتون واعتلاء الملك توت عنخ آمون العرش في ظل تلك الظروف فضلاً عن وفاته المثيرة للجدل.
أما عن كواليس اكتشاف المقبرة الأشهر في تاريخ مصر وحياة الملك توت يقول الدكتور حسين: في الرابع من نوفمبر 1922، اكتشف عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر مقبرة رقم 62 في وادي الملوك في الأقصر، بعد سنوات عدة من البحث والتنقيب، لتكون هذه المقبرة هي مقبرة الملك توت عنخ آمون، ليحقق بذلك أشهر الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. وعلى الرغم ما حوته المقبرة من نفائس، فإنها من ناحية الحجم والتصميم المعماري تعد مقبرة بسيطة للغاية مقارنة بالمقابر الأخرى في وادي الملوك؛ وذلك بسبب وصول توت عنخ آمون إلى العرش في عمر صغير جدًا، ووفاته في سن صغيرة. ولقد حكم الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون مصر لمدة 9 سنوات فقط.
وعن بعض الأسرار التي يكشفها الكتاب للمرة الأولى يضيف عبد البصير أن فريق مصري على أعلى مستوى قام بدراسة المومياوات الملكية الموجودة في المتحف المصري بالتحرير وكذلك في عدد من المواقع الأثرية في مصر برئاسة عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، ولكن من ضمن الأمور التي اكتشفها الفريق والتي تتعلق بمومياء الملك توت عنخ آمون وأفراد أسرته في النصف الثاني من عصر الأسرة الثامنة عشرة في عصر الدولة الحديثة.
لفت إلى أنه يجب أن نتوقف عند الدراسات التي خصت مومياوات النبيل يويا وزوجته النبيلة تويا، والديَّ الملكة العظيمة تي زوجة الملك الشمس أمنحتب الثالث، ومومياء الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، ومومياء الملك الشمس أمنحتب الثالث، والد الملك الموحد أخناتون، بالإضافة إلى عدد من المومياوات التي لم يتم تحديد هويتها قبل ذلك،وقد تم فرض نظريات كثيرة لتحديد هويتها دون تقديم أي دليل علمي أثري أو معملي على ذلك.
تابع: "قام فريق العمل بإجراء الدراسة عن طريق أخذ عينات دقيقة من عظام المومياوات ثم تم استخلاص الدي إن إيه منها في صورة نقية. وبعد ذلك تمكن فريق العمل البحثي من تحليل المواقع الجينية المتعددة والخاصة بتحديد البصمة الوراثية للأشخاص. وأكّد الفريق البحثي على أنه من المعروف علميًا أن هذه الجينات بها اختلافات تكرارية عددية تميز كل شخص عن الآخر، وتمثل في مجموعها بصمة جينية متفردة لكل إنسان. وأضاف الفريق البحثي أن هذه البصمة الوراثية يتم توريثها بحيث يكون نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم؛ أي أنه يجب مطابقة نصف البصمة للشخص كاملاً مع نصف بصمة الأب والنصف الآخر مع نصف بصمة الأم، وأوضح الفريق البحثي أيضًا إنه توجد بصمة الكرموسوم الذكري (ص) الذي ينتقل من الأب إلى ابنه وإلى حفيده، أي أن تلك البصمة تنتقل عن طريق خط الذكور الأقارب من ناحية الآباء فقط".
وعن نتائج تلك الدراسة شديدة الأهمية قال عبد البصير: الدراسة التي قام بها فريق العمل البحثي توصلت إلى العديد من النتائج التالية:
1- وجود تطابق في بصمة الكروموسوم الذكري (ص) بين ثلاثة أفراد، وهم الملك توت عنخ آمون، والملك أمنحتب الثالث والمومياء التي عُثر عليها في المقبرة رقم 55 في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر.
2- عن طريق تحليل البصمة الوراثية والحسابات الإحصائية للنتائج، أثبت الفريق البحثي أن بنسبة تفوق 99.99% أن يويا وتويا هما والديًّ مومياء السيدة الكبيرة التي عُثر عليها في المقبرة 35 من مقابر وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر، والتي هي الملكة تي من الناحية التاريخية والأثرية. وأضاف الفريق البحثي أن الملكة تي، صاحبة مومياء السيدة الكبيرة التي عُثر عليها في المقبرة 35 من مقابر وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر، وأمنحتب الثالث هما والدا المومياء التي عُثر عليها في المقبرة رقم 55 في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر.
3- أثبت الفريق البحثي أن مومياء السيدة الصغيرة التي عُثر عليها في المقبرة رقم 35 في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر والمومياء التي عُثر عليها في المقبرة رقم 55 في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر والمتعلقة بالملك أخناتون، هما والدا الملك توت عنخ آمون.
4- لم يتعرف الفريق البحثي على شخصية والدة الملك توت عنخ آمون بعد. ولم تشر دراسة الفريق البحثي إلى احتمالية أن تكون مومياء السيدة الصغيرة التي عُثر عليها في المقبرة رقم 35 في وادي الملوك بالبر الغربي لمدينة الأقصر هي لابنة الملك أخناتون والملكة نفرتيتي الأميرة ميريت آتون لعدم وجود دلائل تاريخية وأثرية تثبت ذلك لدى الفريق البحثي. وأخيرًا، أشارت دراسة الفريق البحثي إلى أن مومياء نفرتيتي لم يتم تحديدها إلى الآن. وتعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية التي ينتظرها العالم أجمع.
وعن اخناتون والد توت عنخ آمون والملكة نفرتيتي التي ينتظر العالم اكتشاف المومياء الخاصة بها يقول حسين عبد البصير: نعرف أن أخناتون هو ليس فقط فرعون بل فيلسوف، وبالنسبة للملكة نفرتيتي فيعد موضوع اختفاء المومياء الخاصة بها لغز. الملكة نفرتيتي تعتبر جميلة الجميلات، وأكثر الملكات المصريات شهرة في العالم كله، وهي الزوجة الكبرى للملك أخناتون، وهي سيدة عصر العمارنة بلا منافس، ورحبت نفرتيتي بالدعوة الدينية الجديدة وصارت من أقوى المناصرين لأخناتون ودعوته، ولعبت نفرتيتي دورًا مهمًا في دعم زوجها.
واحتلت العائلة الملكية مكانة متميزة في دولة أخناتون ودعوته، وتظهر العائلة الملكية في ذلك العصر في مناظر جديدة لم تعرفها مصر الفرعونية. وانتقل أخناتون ونفرتيتي إلى مدينة "آخت آتون"، في تل العمارنة في المنيا، التي جاءت منها التسمية بـ "عصر العمارنة"، وأنتجت حفائر العمارنة عددًا من الروائع الفنية، لعل أشهرها تمثال الملكة نفرتيتي.
وعندما تزور متحف برلين، فأنت في حضرة الملكة نفرتيتي وتمثالها الأشهر، وتم تخصيص قاعة واحدة لعرضه، وهو مصنوع من الحجر الجيري الملون بالحجم الطبيعي، وترتدى الملكة تاجها الأزرق المميز المقطوع من القمة الذي تعلوه حية الكوبرا، ووُجد في أتيليه الفنان تحتمس في العمارنة.
واعتقد البعض أن الملكة نفرتيتي قد تكون شاركت أخناتون في الحكم، وأنها اختفت في حوالي العام 12 من حكمه، غير أن الاكتشافات الحديثة أكدت أنها ذُكرت على بعض آثار زوجها بعد العام 12، وتحديدًا في العام 16 من حكم زوجها الملك أخناتون أي بالقرب من نهاية فترة حكمه؛ إذ ظهرت الملكة نفرتيتي مع زوجها في جرافيتي تم اكتشافه حديثًا في منطقة دير "أبو حنس" في محافظة المنيا في مصر الوسطى. ويعني هذا أن زوجها قد حكم منفرداً، وربما حكمت نفرتيتي، بعد وفاة الملك أخناتون، وقبل فترة قصيرة من وصول الحكم إلى الملك توت عنخ آمون. واعتقد بعض العلماء أن نفرتيتي كانت من أصل أجنبي، ابنة الملك ميتانى، غير أن معظم العلماء يؤكدون أنها مصرية.
وقامت نفرتيتي بتغيير اسمها عدة مرات، وكتبت اسمها مثل الملوك داخل خرطوشين موازيين بعضهما البعض، وكانت هناك رسالة بعثتها ملكة مصرية إلى ملك الحيثيين تطلب منه أن يرسل لها أحدًا من أبنائه كي تتزوجه، واعتقد بعض العلماء أن نفرتيتي قد تكون هي من أرسلت هذه الرسالة، غير أن أغلب العلماء يعتقدون أن من أرسلت هذه الرسالة هي الملكة عنخ إس إن آمون، أرملة الملك توت عنخ آمون.
وتم الادعاء مؤخرًا بأن الملكة نفرتيتي دُفنت في مقبرة الفرعون الذهبي الملك الأشهر، توت عنخ آمون، مقبرة 62 في وادي الملوك، غير أن هذا الادعاء ثبت عدم قبوله علميًا لأسباب عديدة.
واختفت الملكة نفرتيتي من المشهد. وهناك أسئلة كثيرة حولها ما تزال دون إجابة مثل تاريخ وفاتها ومكان موميائها. ولك في كل الأحوال إن نفرتيتي ملكة خلدتها مصر وخلدت مصر عبر العصور وعلى وجه الزمن.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقك أو أرسل رسالة للكاتب