القائمة الرئيسية

الصفحات

محمد إسماعيل يكتب: الروائيون العرب في الأدب الفرنسي

 




الأدب الفرنسي وأدب فرنسا مصطلحين مختلفين وإن اتفقا جزئيًا، فالأول يطلق على الإنتاج الأدبي باللغة الفرنسية بينما يطلق الثاني على الآداب التي صدرت عن مواطني فرنسا، وكانت باللغة اللاتينية في بداياتها حتى بدأت الفرنسية في مجاورتها في الآداب قبل أن يفكر الفرنسيين في توحيد لغة النصوص في القرن التاسع.


وبينما تميزت أواخر القرون الوسطى بامتزاج آداب مجاورة مع الأدب الفرنسي، مثل ما حدث مع إنجلترا بسبب الحروب أو بفضل التمازج الثقافي في شمال إيطاليا، ظهرت أيضًا نصوص نادرة بالفرنسية في قبرص وفلسطين أثناء الحروب الصليبية حيث بدأت هذه اللغة في الانتشار. إلى أن تطور الأدب الفرانكوفوني حتى أصبح بالشكل الحالي بإسهامات بلجيكية وكندية وسويسرية وأفريقية وعربية.


أدى التواجد الفرنسي في مستعمراته خارج الحدود إلى انتشار اللغة في القرنين التاسع عشر والعشرين، لم تقتصر أسباب هذا الانتشار على حضور ثقافتهم فحسب، بل نتج عن منع تعليم اللغات الأصلية لبعض المستعمرات واستبدالها بالفرنسية مثل ما حدث في الجزائر على سبيل المثال. ونتج عن تلك الخطوة أن أصبحت الفرنسية هي اللغة الوحيدة المتاحة للتعبير الأدبي في عدد من البلاد المحتلة، أو لنقل المفضلة لدى بعض الأدباء في مناطق أخرى.


ولعل الفصل الجغرافي في دراستنا بين المشرق العربي ومغربه يكون أكثر منطقية إذا التزمنا المنظور الفرنسي لهذا الأدب. فبينما كان المشرق العربي بالنسبة للفرنسيين منطقة باءت محاولات التواجد فيها بالنجاح حينًا وبالفشل أحيانًا، كان المغرب العربي بالنسبة لهم أرض فرنسية خالصة.


الأدب المغربي (يرمز للمغرب العربي ببلاده الثلاثة: تونس والجزائر والمغرب) بدأ بعد الحرب العالمية الثانية أو بين عامي ١٩٤٥ و ١٩٥٠. وينقسم أدباؤه الفرانكوفونيين إلى ثلاثة أجيال


- جيل المؤسسين الذي تميز أدبهم بالفكر النقدي لمجتمعاتهم ذوات الثقافة المزدوجة وأزمة الهوية بين العربية والفرنسية والأمازيغية، مثل:


كاتب ياسين: أديب جزائري ١٩٢٩ – ١٩٨٩
حصل على وسام فارس الآداب والفنون عام ١٩٨٤وهو صاحب المقولة الشهيرة: اللغة الفرنسية هي غنيمة حرب
له ١٠ أعمال من أشهرها "نجمة" التي قال عنها النقاد آنذاك أنها أجمل نص بالفرنسية من كاتب غير أوروبي.




مولود فرعون: أديب جزائري ١٩١٣ – ١٩٢٦ صاحب مقولة: أتحدث باللغة الفرنسية وأكتب باللغة الفرنسية لكي أقول للفرنسيين بأني لست فرنسيا. له ٨ أعمال من أشهرها ابن الفقير التي تتحدث عن معاناة منطقة القبائل التي ينتمي لها.




مولود معمري: ١٩١٧ – ١٩٨٩ وحاصل على الدكتوراة الفخرية من جامعة السوربون. وله ٧ روايات أشهرها "الأفيون والعصا" و "الهضبة المنسية" اللذان تحولا إلى أفلام سينيمائية


إدريس شرايبي: أديب مغربي ١٩٢٦ – ٢٠٠٧. صدر له ١٧ مؤلف.



- جيل السبعينات الذي حافظ على ذات النزعة النقدية لأسلافه وإن تميزت كتاباتهم بشيء من العنف عن سابقيهم مثل:


رشيد بوجدرة: ١٩٤١
له ٣٠ عملا بين قصة وشعر ورواية ومسرح كما صدرت له مؤلفات نقدية بعضها بالعربية. من أشهر أعماله: الحلزون العنيد وفيلم وقائع سنوات الجمر الحاصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان ١٩٧٥.




طاهر بن جلون: أديب مغربي ١٩٤٤ وهو الحاصل على جائزة جونكور الفرنسية عن روايته ليلة القدر، كما حصل على جائزة دبلن الأدبية ونيشان الاستحقاق الوطني ونيشان الفنون والآداب والدكتوراة الفخرية من جامعة مونتريال والجامعة الكاثوليكية بلوفان.


له ١٠ أعمال أشهرها تلك العتمة المبهرة والسعادة الزوجية وزواج المتعة. وإلى جانب مؤلفاته، قام بترجمة رواية الخبز الحافي لمحمد شكري من العربية للفرنسية. ويرجع فضل انتشار هذه الرواية عالميا إلى تلك الترجمة.




- الجيل الثالث وانكب أدباؤه على الوضع الحالي بتعقيداته وتشابك العلاقات السياسية والاجتماعية الحالية. وربما ارتفعت النزعة الفردية في كتاباتهم عن التعرض لقضايا جيل أو أمة. ومن رواد هذا الجيل:


فؤاد العروي: أديب مغربي ١٩٥٨. له ٥ أعمال  من أشهرها أسنان خبير المساحة الحاصلة على جائزة البير كامي و مجموعة قصصية بعنوان قضية بنطال داسوكين الغريبة الحاصلة على جائزة جونكور.


ياسمينا خضرا (محمد مول السهول): الكاتب الجزائري المولود في ١٩٥٥. كان
 ضابطًا بالجيش الجزائري وله مؤلفات صدرت باسمه الحقيقي أثناء فترة خدمته ثم قرر التفرغ للكتابة وانتحل اسم زوجته ياسمينا لتخرج رواياته بعده باسمه المستعار. وله ٢٨ عمل ترجمت للغات عدة منها الصدمة وفضل الليل على النهار اللذان تحولا إلى أفلام سينيمائية. وسنونوات كابول.


وعلى الرغم من مولده بالجزائر، يخرج البير كامي من هذا التصنيف وإن كان قد عاش حياته بالجزائر ودرس الفلسفة بجامعتها بل وجرت بها أحداث رواياته الأشهر: الغريب والطاعون. إلا أنه ينتمي لمن يسمون بالأقدام السوداء وهم الفرنسيين مواليد الجزائر، واختلفت تفاسير أصل تلك التسمية وشخصيًا أميل إلى أن مصدرها ارتدائهم لأحذية سوداء وقت انتشار المراكيب الصفراء والحفاء بين المواطنين الأصليين.




- ولم تخلو ساحة الأدب المغربي من كاتبات رائدات ركزن أدبهن حول معاناة المرأة وأحلامها ليخرج متسقًا مع الخصائص المميزة للأدب النسوي.  مثل:


آسيا جبار: أديبة جزائرية ١٩٣٦ – ٢٠١٥ الحاصلة على جائزتي نيوستاد ويورسنار في الأدب وهي عضوة في أكاديمية اللغة الفرنسية. لها ٦ روايات كما أخرجت أفلاما تسجيلية وروائية للتليفزيون الجزائري.


فاطمة المرنيسي: كاتبة مغربية ١٩٤٠ – ٢٠١٥ وهي من أشهر النسويات الإسلاميات، حصلت على جائزة أميرة استورياس وجائزة ايراسموس. لها ١٣ مؤلف بين الفرنسية والعربية.




ليلى السليماني: كاتبة مغربية مواليد ١٩٨١ حصلت على نيشان الفنون والآداب وعلى جائزة جونكور عن رواية أغنية هادئة. صدر لها ٩ أعمال.


وبرغم غرابة روايتها الوحيدة، فلا يمكن أن نغفل الكاتبة "نجمة" صاحبة "اللوزة"، الرواية الأكثر جرأة في العالم العربي ولم تترجم للعربية.


تتناول الرواية الحياة الجنسية لفتاة من شمال افريقيا تناول صريح ومفصل بشكل غير مسبوق في رواية عربية. وجاء وصفها للمشاهد الحميمية اكثر جرأة من الف ليلة وليلة.


"نجمة" هو اسم مستعار لكاتبة لم تفصح عن هويتها وخرجت في اللقاءات التليفزيونية مغطية وجهها وتتحدث بالفرنسية بلهجة شمال أفريقية. 


- ومن أدباء المشرق العربي الفرانكفونويين نجد ثلاثة مشاهير:


أمين معلوف: أديب لبناني ولد عام ١٩٤٩ وهو عضو بأكاديمية اللغة الفرنسية وحاصل على العديد من الجوائز أهمها جونكور عن صخرة طانيوس وجائزة نونيو وأميرة أشتوريس ووسام الاستحقاق الوطني الفرنسي.




صاحب مقولة "كم هو مؤسفًا لشعب ما، أيا كان، أن يمجد تاريخه أكثر من مستقبله. وله ١٨ عمل بين رواية ومسرحية ودراسات من أشهرها: ليون الأفريقي والتائهون وصخرة طانيوس وسمرقند".


جيلبار سينويه: أديب مصري مواليد ١٩٤٧. اسمه الأصلي جيلبار كساب، أسمى نفسه بسينويه تيمنا بسنوحي المصري أقدم قصة في التاريخ وللاعتزاز بهويته المصرية. له ٢٠ رواية من أشهرها ابن رشد واللوح الأزرق وصمت الآلهة وابنة النيل.


روبير سوليه: كاتب مصري ولد ١٩٤٦. وحصل على جائزة البحر الأبيض المتوسط عن روايته الطربوش وله ٢٦ مؤلف أشهرها المملوكة والطربوش.




استعرضنا هنا جزءًا من إسهامات العرب في الأدب الفرنسي المعاصر بتناول أبرز رموزهم، حيث أن حصرهم يحتاج إلى دراسة أشمل من هذا المقال. ولعل كتابات العرب بالفرنسية خرجت كأكبر تكذيب لمقولة: "اللغة وعاء الفكر" حيث كانت أعمالهم تحمل همومهم العربية بلغة فرنسية بليغة. وبصفة عامة، يلجأ الأدباء العرب في كتاباتهم بالفرنسية إلى اختيار أكثر المفردات صعوبة مع بعض الصيغ البلاغية المعقدة، بعكس أدباء شرق أوروبا الكاتبين بالفرنسية الذين يلجأون عادة للغة بسيطة في شرح معاني فلسفية عميقة مثل ميلان كونديرا وأجوتا كريستوف.


للتواصل مع الكاتب من "هنا" أو من خلال التعليقات








author-img
أنا إسلام وهبان، مؤسس مدونة "مكتبة وهبان" وقد أطلقتها لمحاولة استعادة دور المدونات الثقافية في نشر الوعي والتشجيع على القراءة ومتابعة كل ما يخص المشهد الثقافي والأدبي ومشاركة القراء اهتماماتهم وخبراتهم القرائية

تعليقات